تقرير:سعيدالسلاوي
تعتبر الجهوية المتقدمة إحدى الاختيارات الاستراتيجية التي اعتمدها المغرب من أجل تنمية مستدامة وإقلاع اقتصادي شامل. والجهوية هي شكل متطور لنظام اللامركزية، و وسيلة ديمقراطية مثلى لإشراك الساكنة في تدبير شؤونهم من خلال مؤسسات جهوية ومحلية تحظى بصلاحيات واسعة وإمكانيات بشرية ومادية هامة دون المساس بسيادة وكيان الدولة .
إن الجهوية المتقدمة تندرج في مسلسل الإصلاح الذي أطلقته السلطات العمومية من أجل تسريع وثيرة التنمية والتغلب على تحديات العولمة. فالرهان على الجهوية رهان على التنمية الشاملة وتحديث البنيةالمؤسساتتيةللدولة،لما ستتيحه الجهوية من تحقيق التقدم والتطور الاقتصادي والاجتماعي لكافة المناطق عبر وضع مخططات واستراتيجيات مختلفة وبرامج لمكافحة الاختلالات والفوارق المجالية والاجتماعية،فكانت هناك رغبة في الارتقاء بالنظام الجهوي المغربي إلى وضع متقدم تحظى فيه الجهة بمكانة قانونيةمتميزة تستطيع من خلالها القيام بالأدوار التنموية ،وتجعل اللامركزية الجهوية حقيقة حاسمة و واقعا ملموسا.فالجهوية يمكن اعتبارها عملية تحديث في هياكل الدولة والإدارة،فهي تخلق تدبيرا تشاركيا وتعاونا في علاقة السلطة المركزية بالمنتخب دون الإخلال باختصاصات الدولة واحترام تام لدولة الحق والقانون وأسبقية السياسة الوطنية على المحلية،والفصل136من دستور2011″ينص على أن التنظيم الجهوي والترابي يرتكز على مبادئ التدبير الحر وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة “. أما الفصل137من دستور 2011 فينص على “أن الجهات والجماعات الترابية الأخرى تساهم في تفعيل السياسة العامة للدولة،وفي إعداد السياسات الترابية، من خلال ممثليهافي مجلس المستشارين “.
وللإضافة فإن المقاربة التنموية الجديدة جعلت المغرب يتبع تنظيما إداريا مبني على الحكامة الجيدة والمقاربة الترابية التي تهدف لتدعيم سياسة القرب .
وقد أكد جلالة الملك محمد السادس نصره الله أن عبر في خطابه بتاريخ 20 غشت2010بأن تكون الجهويةتحولا نوعيافي أنماط الحكامة الترابية والتنمية المندمجة،كما حدد جلالته في الخطاب الملكي بتاريخ 3يناير2010 المرتكزات الأساسية للجهوية والتي تتجلى في التشبت بمقدسات الأمة وتوابتها المثمتلة في وحدة الدولة والوطن والتراب،وتأكيدا ديموقراطيا للتميز المغربي الغني بتنوع روافده الثقافية المنصهرة في هوية وطنية موحدة والالتزام بالتضامن بين المركز والجهات،واعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات والإعلانات وتفادي تداخل الاختصاصات أوتضارب بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات، مع نهج سياسة اللاتمركزالواسع في نطاق حكامة ترابية ناجعة وفعالة ومتناسقة.
وقد توخت العبقرية الملكيةإحداث جهات قوية ذات مجالس وأجهزة تمثيلية تضم نخبا مؤهلةومؤطرة قادرة على حسن تدبير الجهات المشرفة عليها، والاستجابة لتطلعات المواطنين وحاجياتهم التنمويةوالتواصل معهم، وتبني التدبير التشاركي مع كل الكفاءات،وإدماج الخصوصيات الاجتماعية والثقافية والبيئية في البعد الاقتصادي للتنمية، مع تعزيز الحكامة المحلية عبر ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتسيير المرافق بناء على معاييرالشفافية والجودة والنجاعة.