متابعة : محمد كريم اليوسفي
رغم أن مدينة طنجة تستعد لدخول مصاف المدن العالمية المحتضنة لأكبر التظاهرات الرياضية، تعيش عشرات الأسر بحي الخرب 2 التابع لمقاطعة مغوغة وضعا مزريا نتيجة غياب أبسط مقومات العيش الكريم، في مشهد يختزل التناقض الصارخ بين واقع المدينة الرسمي وواقعها الهامشي الذي تعانيه أحياء بأكملها.
يعاني سكان الحي، حسب شهادات حية، من حرمان مزمن من الماء الصالح للشرب، حيث يضطرون إلى جلب المياه عبر خزانات مغلقة وسط موجة حر خانقة تضرب المدينة. أما الكهرباء، فقد تحولت إلى كابوس آخر، بعدما أقدمت شركة التدبير المفوض “أمانديس” على سحب العدادات من منازل عديدة، وفرض غرامات مالية تفوق 30 ألف درهم، مع مطالبة الأهالي بمبالغ خيالية لإنشاء أعمدة كهرباء، قد تصل إلى مليون سنتيم للعمود الواحد.
الحي يفتقر لأبسط التجهيزات الأساسية، فلا طرق معبدة، ولا شبكة تطهير سائل، ولا إنارة عمومية، وكلها مظاهر تحيل إلى واقع قروي مهمّش في قلب مدينة يفترض أن تكون واجهة المغرب الحديثة.
أحد أبرز مظاهر التهميش الصحي يتمثل في إغلاق المركز الصحي الوحيد بالحي، الذي تحول بحسب السكان إلى مأوى لمهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، مما أدى إلى شلل تام في خدمات الرعاية الصحية الأولية المنصوص عليها في قانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية.
وفي غياب فضاءات آمنة للترفيه أو مسابح عمومية، يجد أطفال الحي أنفسهم عرضة لمخاطر الغرق أثناء السباحة في بحيرة مكشوفة قريبة من التجمع السكني، بالإضافة إلى وجود بئر مائي بدون غطاء يُستعمل لأغراض التنظيف، مما يعرض حياة الأطفال لخطر السقوط والموت.
وفي مفارقة تثير استغراب الساكنة، فإن القرية المجاورة بني واسين، التابعة لجماعة البحراويين بإقليم الفحص أنجرة، تتوفر على بنية تحتية متكاملة من طرق وماء صالح للشرب وكهرباء، وهو ما يكرس شعورًا بالإقصاء داخل حي الخرب 2، رغم القرب الجغرافي والتبعية لنفس الجهة.
رغم توجيه عدة نداءات إلى مجلس جماعة طنجة، ومجلس مقاطعة مغوغة، وعمالة طنجة أصيلة، إلا أن تلك المطالب ظلت دون تفاعل يذكر، في وقت يستمر فيه بعض أبناء الحي في إطلاق مبادرات تطوعية، يصفها السكان بكونها صرخات في “جزيرة مهجورة”.
تطالب ساكنة الخرب 2 بتفعيل الفصل 31 من الدستور المغربي، الذي يضمن الحق في الماء والسكن والعلاج، كما تدعو الجهات المعنية إلى زيارة ميدانية عاجلة للوقوف على حجم المعاناة وإدراج الحي ضمن برامج التنمية المجالية الحقيقية.
Views: 5