السمارة ـ هشام العباسي
في مشهد يُعيد إلى الأذهان قصص التهميش التي ملّت منها الألسن والقلوب، تعيش مدينة السمارة منذ أكثر من عشرة أيام على وقع أزمة صحية خانقة، بعد غياب طبيب التوليد الوحيد بالمستشفى الإقليمي، ما جعل عشرات النساء الحوامل وأسرهن في دوامة من الخوف والقلق والمعاناة اليومية.
الأمر لا يتعلق بعُطل في جهاز أو نقص في الأدوية، بل بغياب عنصر بشري حيوي يُفترض أن يكون متوفراً في كل لحظة، لأن حياة الأمهات والمواليد لا تنتظر.
اليوم، تُجبر العديد من الأسر على التنقل إلى مدينة العيون لإجراء عملية ولادة أو حتى فحص بسيط، وسط تكاليف مرهقة ومخاطر الطريق الطويلة.
فهل يُعقل أن تظل مدينة يعيش فيها أكثر من 72 ألف نسمة، وتُوصف بـ”العاصمة العلمية والروحية”، خالية من طبيب توليد لأكثر من أسبوعين؟
هل يحتاج المواطن هنا إلى طائرة إسعاف كي يحصل على أبسط حق في الرعاية الصحية، مع العلم أن طريق السمارة – العيون تُعدّ من أكثر الطرق التي تشهد حوادث سير مأساوية؟
من غير المقبول أن تستمر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في الحديث عن “التغطية الصحية الشاملة”، بينما نساء السمارة يلدن في سيارات الإسعاف أو في طرق وعرة بين المدن.
هذا ليس قدراً… بل نتيجة سياسات غائبة ومحاسبة مفقودة.
السمارة لا تطلب المعجزات، بل فقط حقها في طبيب، ومستشفى يشتغل، وعدالة ترابية تُنصف أبناء الجنوب كما تُنصف أبناء المركز.
فهل يتحرك أحد؟
أم سننتظر هاشتاغاً جديداً من جيل Z ليذكّر المسؤولين بأن حياة المواطن ليست منشوراً يُنشر وينسى؟
Views: 20

