السمارة ـ هشام العباسي
في أجواء مفعمة بالاعتزاز الوطني والوفاء لتاريخ ، احتضنت الكلية المتعددة التخصصات بالسمارة، اليوم الجمعة 17 أكتوبر الجاري، ندوة فكرية حول موضوع “المسيرة الخضراء… فكرة ملك وإرادة شعب من الإلهام إلى الإنجاز”، وذلك في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة.
اللقاء العلمي نظمته عمالة إقليم السمارة بشراكة مع المنظومة المحلية، بحضور عامل الإقليم إبراهيم بوتوميلات، والعميد المنتدب للكلية، وقائد الحامية العسكرية، ورئيسي المجلسين الإقليمي والبلدي، إلى جانب عدد من المنتخبين، وشيوخ وأعيان القبائل، ورؤساء المصالح الخارجية والأمنية، ونخبة من الأساتذة والباحثين والفعاليات الجمعوية.
استهلت الندوة بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها عزف النشيد الوطني المغربي، ثم كلمة ترحيبية ألقاها الدكتور الوالي جودا، الذي شدّد على رمزية هذه المحطة التاريخية الخالدة، باعتبارها تجسيدًا صادقًا للتلاحم الأبدي بين العرش والشعب، واستحضارًا لقيم التضحية والوحدة الوطنية التي أرساها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه.
وعرفت الندوة مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين من مختلف التخصصات، ناقشوا من خلال عروضهم الأبعاد المتعددة للمسيرة الخضراء، بين التاريخ والسياسة والدين والإعلام والاقتصاد.
ففي مداخلة أولى، قدّم الدكتور محمد عيسى بابانا العلوي، أستاذ علم السياسة، عرضًا بعنوان: “المسيرة الخضراء: مبرراتها وأبعادها في القرنين العشرين والواحد والعشرين”. وقد أبرز السياق الجيوسياسي الذي أفرز فكرة المسيرة، ودورها في تحصين الوحدة الترابية للمملكة وتعزيز مكانتها الإفريقية والدولية.
أما الدكتورة ماجدة كريمي، الخبيرة في تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية، فقد تناولت في عرضها “الدبلوماسية الاقتصادية المغربية في إفريقيا: أية أدوار لإقليم السمارة؟”، مبرزةً موقع الإقليم كبوابة استراتيجية للتعاون جنوب-جنوب، ومختبر حقيقي لنموذج التنمية بالأقاليم الجنوبية.
بدوره، قدّم الدكتور حميد الفرخ من مديرية التاريخ العسكري بالقوات المسلحة الملكية عرضًا توثيقيًا بعنوان “الصحراء المغربية في الاتفاقيات والمعاهدات المغربية الأجنبية خلال القرن 18م”، عرض فيه وثائق وشهادات تاريخية نادرة تؤكد الامتداد التاريخي للمغرب في عمقه الصحراوي، وشرعية وحدته الترابية منذ قرون.
من جانبها، ألقت الدكتورة عزيزة بزامي، الباحثة في الفكر الإسلامي، مداخلة مؤثرة بعنوان “ملحمة المسيرة الخضراء: حكم روحية وعبر تاريخية”، سلطت فيها الضوء على البعد الروحي للمسيرة باعتبارها جهادًا سلميًا ومثالا في التلاحم الوطني، واستلهامًا لقيم الإيمان بالوطن والثقة في القيادة.
اللقاء عرف أيضًا تقديم شهادات حية لإعلاميين عايشوا زمن المسيرة، أبرزهم الأستاذ محمد دكا الذي استحضر ذكرياته من طرفاية، حيث وصف مشاهد استقبال أفواج المتطوعين القادمين من مختلف ربوع المملكة، وكيف تلاحمت الكلمة والصورة في نقل مشهد وطني استثنائي إلى العالم.
كما قدّم الإعلامي الناجم عميرة شهادة بعنوان “من ذاكرة الإعلام في الأقاليم الجنوبية”, تحدّث فيها عن الدور الحيوي الذي اضطلع به الإعلام الوطني في ترسيخ الوعي الوحدوي ومواكبة مسار البناء والتنمية بالأقاليم الجنوبية منذ الاسترجاع.
وفي ختام الندوة، أجمع المشاركون على أن المسيرة الخضراء لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل مدرسة متجددة في الوطنية والالتزام، وأن استحضارها اليوم بالسمارة هو تجديد للعهد على صون الوحدة الترابية والمضي قدما في مسار التنمية والوفاء لرسالة الملك الراحل الحسن الثاني، التي واصلها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، بإنجازات كبرى تجعل من الأقاليم الجنوبية قطبا تنمويا مزدهرا في إفريقيا.

Views: 7

