بقلم – بيري محمدو
في كل قضية وطنيةاو دولية كبرى، نجد وجوهاً اعتدنا رؤيتها على شاشات النقاش، وأسماءً تتردد في البيانات والتصريحات، وكأن القضية لا تُحيا إلا بوجودهم. غير أن الزمن يكشف دائماً أن بعض هؤلاء لم يكونوا جنوداً للحق بقدر ما كانوا تجّاراً للأزمات.
تلك الفئة التي جعلت من الخلاف رأس مالها، ومن الجدل وظيفة يومية، ومن التعقيد وسيلة لتمديد بقائها في المشهد. اقتاتت لسنوات على عناوين متجددة، ونسجت حول نفسها هالة من “الغيرة الوطنية” و“التحليل الاستراتيجي”، بينما كانت في العمق تقتات من استمرار الانقسام لا من حله.
ومع اقتراب أي أفق لتسوية أو انفراج، يظهر القلق في ملامحهم أكثر مما يظهر في وجوه أصحاب المصلحة الحقيقية، لأن انتهاء الأزمة يعني انتهاء دورهم. فهم يدركون أن المشهد بعد الحلّ لن يجد لهم مقعداً، وأن السوق التي رَوَّجوا فيها لبضاعتهم من الشعارات والبيانات ستُغلق أبوابها إلى أجل غير مسمّى.
حين تُحلّ القضايا، تنكشف الحقائق، ويخفت ضجيج الأصوات التي تعوّدت على صخب الخلاف. ويبقى السؤال معلقاً: من سيملأ فراغ تجّار القضايا بعد أن تُطوى الملفات؟
الجواب بسيط ومعقّد في آن واحد: سيحلّ محلهم الفاعلون الحقيقيون، أولئك الذين عملوا في صمت، وبنوا جسوراً بدل الأسوار، وخدموا الوطن لا مصالحهم.
Views: 11

